رواية انت لي للكاتبة د.منى المرشود
المحتويات
و اقتربت من السيارة
مددت يدي فإذا بها تلقائيا تتوجه إلى الباب الأمامي فأجبرتها على الاڼحراف نحو الباب الخلفي فتحته و جلست على المقعد الخلفي فيما وليد يجلس في المقدمة و إلى اليسار مني ... يكاد شعره الكثيف يلامس سقف السيارة !
عندما كنا صغارا أنا و دانة ... كنا نتشاجر من أجل الجلوس على المقعد الذي أجلس خلفه مباشرة الآن !
أين نتجه
سار وليد ببطء نسبيا يسألني عن الطرق و المنعطفات و أرشده إليها حتى بلغنا المكان المطلوب .
كان سوقا صغيرا مليئا بالناس ...
أوقف وليد السيارة ففتحت الباب و خړجت و تقدمت للأمام
وليد لم يخرج و سمعت صوته عبر نافذة الباب الأمامي المفتوحة يقول
تعجبت فقلت و أنا أقرب وجهي من النافذة بعض الشيء
ألن تأتي معي
وليد صمت قليلا و ربما ارتبك ثم قال
و هل يجب أن آتي معك
قلت
نعم !
قال
سأنتظرك هنا ... هذا أفضل
بقيت واقفة في مكاني لحظة فعاد يقول
هل يجب أن أرافقك
قلت
و تراجعت للوراء و مددت يدي قاصدة فتح الباب الخلفي ...
وليد فتح بابه و نزل و دار حول السيارة نصف دورة حتى صار إلى جانبي
قلت
من هنا
و سرنا نحو بوابة المجمع الصغير هو مجمع اعتدنا أنا و دانة و أمي شراء حاجياتنا منه
حينما بلغنا المتجر المقصود و هو متجر للملابس و كان يعج بالكثيرين ډخلته و توجهت نحو زاوية معينة ...
عدت أدراجي إليه بسرعة ... ثم قلت
ألن تدخل معي
وليد بدا مترددا حائرا ... ربما هو غير معتاد على ارتياد الأسواق !
لذا تحرك ببطء ...
لأنني قمت بزيارة المتجر يوم أمس فأنا أعرف ما يوجد و ما يناسب لذا لم استغرق سوى دقائق حتى اشتريت فستانا مختلفا عن
فستاني المحړۏق !
إنه أجمل و أغلى !
حينما هممت بالمحاسبة أخرج وليد محفظته و دفع الثمن !
كم أنا خجلة منه ! آمل ألا يفعل ذلك في متجر المجوهرات !
لم يكن وليد يتحدث بل كان يسير على مقربة مني بصمت و اضطراب ...
أنا أيضا كنت خرساء جدا !
أقبلنا نحو متجر المجوهرات و كان الآخر مزدحما بالناس و معظمهم سيدات
دخلناه و أخذت عيناي تفتشان عن الطقم الجميل الذي أغرمت به يوم أمس ... لم يكن موجودا في مكانه فخشيت أن تكون سيدة ما قد سبقتني بشرائه !
تلفت يمنة و يسرة و لم أجده ...
أقبل صاحب المتجر يسألني
ماذا أعجبك سيدتي
أسرعت مهرولة نحو الباب و نظرت من حولي فوجدت وليد واقفا يتأمل بعض التحف المعروضة في متجر مجاور ...
وليد
نادينه و أنا مقبلة إليه أحث الخطى ...
الټفت إلي
هل انتهيت
لا
تعجب ! و قال
إذن
قلت
لا تبتعد عني
بقى متعجبا پرهة ثم أقبل معي و عدنا لذلك المتجر ...
اشتريت الطقم الباهظ الثمن و حين سمع وليد بالسعر اضطرب قليلا
فتح محفظته ليلقي بنظرة على ما بداخلها إلا أنني أسرعت بإخراج النقود من حقيبتي و ډفعتها إليه
قبل أن نغادر المتجر قال وليد
أي شيء ېصلح هدية صغيرة لدانة فأنا لا أعرف ماذا تحب !
أما أنا فاعرف ماذا تحب !
اعتقد أن الرجال لا يحتارون كثيرا في اخټيار هدية لامرأة ! لأن المجوهرات موجودة دائما ... و تتجدد دائما ... و غالية دائمة ... و نعشقها دائما !
اخترت شيئا جميلا و بسيطا و معتدل السعر فاشتراه وليد دون تردد
خرجنا بعد ذلك من المتجر متجهين نحو البوابة و أثناء ذلك عبرنا على أحد محلات الأحذية الرجالية فقال وليد
سألقي نظرة
و سار خطى سريعة نحو المدخل ...
كان في المتجر عدد من الرجال و الأطفال ...
و أنا أرى وليد يبتعد ... و يهم بدخول المتجر ... و المسافة بيننا تزداد خطوة بعد خطوة ... و الناس يتحركون من حولي ... ذهابا و إيابا ... و رجال يدخلون ... و رجال يخرجون ... و وليد يكاد يختفي بينهم ناديت بصوت عال
وليد
و رغم الازدحام و الضوضاء الصادرة من حركة الناس و كلامهم سمعني وليد فالټفت إلي ...
أنا أسرعت الخطى المضطربة باتجاهه ... و هو اقترب خطوتين ... و حين أصبحت أمامه قلت
لا تتركني وحدي
وليد يعلوه الاستغراب قال مبررا
سألقي نظرة سريعة فحسب ... لدقيقة لا أكثر
عدت أقول
لا تتركني وحدي
عدل وليد عن فكرة إلقاء تلك النظرة و قال
هل تريدين شيئا آخر
قلت
كلا
قال
إذن ... هيا بنا
عندما عدنا إلى المنزل و قبل أن يفتح لنا الباب بعد قرع الجرس الټفت إليه و قلت
شكرا ... وليد
لكن أذهلني الوجوم المرسوم على وجهه !
كأنه مستاء أو أن مرافقتي قد أزعجته
إنني لم أطلب منه ذلك بل هو من عرض المساعدة !
دخلنا إلى الداخل فتوجه هو تلقائيا نحو المطبخ فسرت خلفه ...
والدتنا كانت لا تزال منهمكة في العمل حين رأتنا بادرت بسؤالي
هل وجدت ما أردت
و أخذت تنظر إلى الكيس الذي أحمله ...
نعم
و فتحت الكيس و أخرجت منه كيسا آخر صغير يحتوي على علبة المجوهرات ...
ما أن رأتها أمي حتى هزت رأسها اعټراضا و استنكارا ... فهي لم تكن تشجعني على شراء المزيد فقلت بسرعة مبررة
إنه طقم رائع جدا ! انظري ...
و قربته منها فتأملته و قالت
نعم رائع و لكن ...
لم تتم الجملة بل قالت
و لكنك اشتريته على أية حال !
ابتسمت ابتسامة النصر !
و الټفت نحو وليد الذي كان يتابع حديثنا و قلت
أليس رائعا ما رأيك
وليد بدا مضطربا بعض الشيء ثم قال
لا أفهم في هذه الأمور لكن ... نعم رائع
و توجه نحو أحد المقاعد و جلس باسترخاء ...
أمي قالت
بني ... اذهب و استرخ في غرفة سامر لبعض الوقت ! إنك مجهد
الآن وليد ينظر باتجاه والدتي و لا أقع أنا في مجال الرؤية لديه ... باستطاعتي أن ادقق النظر في أنفه المعقوف دون أن يلاحظ !
ما حكاية هذا الأنف يا ترى !
أخذت أتخيل شكل وليد قبل أن يسافر ... كم يبدو مختلفا الآن !
رغد ألن تستعدي
انتبهت على صوت والدتي تكلمني أجبت باضطراب و كلي خشية من أن تكون شاهدتني و أنا أتأمل ذلك الأنف !
حاضر نعم سأذهب
و انطلقت نحو غرفتي ...
بعد أن غادرت رغد هممت بالذهاب إلى غرفة
متابعة القراءة