رواية انت لي للكاتبة د.منى المرشود
المحتويات
إلى غرفتي وأنا أراك بهذا الشكل
لكن أخبرني أرجوك ماذا حډث
فكرر وليد
عودي يا رغد.
قلت
لا أستطيع.. طمئني أولا ما الذي ېحدث لماذا تعاركتما وإلى أين ذهب سامر
فأشاح وليد بوجهه عني.. لم أستطع إلا الانصياع لقلقي.. كيف أنصرف وأنا أراك هكذا وليد لا أقدر
جلست على المقعد بجواره.. تركت العكاز جانبا ومددت يدي وأمسكت بذراعه بحنان
بقيت ممسكة بذراعه أكاد أحضنها.. وأكاد أفقد صوابي وأمد يدي وأمسح على رأسه وأطبطب على كتفيه.. رغم جهلي بحقيقة ما يحصل أشعر بأن وليد قلبي يتألم.. وأنا لا أتحمل هذا
وليدرد علي.
توسلت إليه.. ففتح عينيه ونظر إلي ثم قال
أرجوك يا رغد.. اذهبي إلى غرفتك الآن ولازميها.. لا تتعبيني أكثر.
قلت
حاضر.
وسحبت يدي من حول ذراعه وأمسكت بعكازي ثم انصرفت دون أن أنطق بحرف واحد
في صباح اليوم التالي استيقضت متأخرة
ذهبت إلى المطبخ كالعادة لأعد شاي.
كانت الخادمة منهمكة في أعمال التنظيف والساعة التاسعة والنصف صباحا. وكان المنزل خاليا من أي صوت أو حركة عدا ما تصدره هي. تركت الإبريق على الموقد وخړجت أتفقد ابني عمي. اليوم خميس وهو عطلة لدى المصنع وقبيل الظهيرة سيسافر وليد إلى المزرعة من جديد وقد يعود بالشقراء ذهبت وتفقدت أولا غرفة المعيشة المجاورة لغرفة نومي. طرقت الباب ولم يرد أحد.. ففتحتها ببطء وأرسلت نظراتي للداخل ولم أجد أحدا. كان سامر ينام هنا على الكنبة الكبيرة في الليالي الماضية وقد طلبت منه أن يبقى كذلك إلى أن تزال الجبيرة عني الأسبوع المقبل وأعود إلى غرفتي العلوية حتى مع حضور الخادمة وبياتها على مقربة من غرفتي الحالية لم أكن لأشعر بالاطمئنان في هذا المنزل الكبير الموحش..
عدت إلى المطبخ وسألت الخادمة عما إذا كانت قد رأت أيا منهما هذا الصباح فأجابت بالنفي.
ساورني بعض القلق.. فطلبت منها أن تصعد للطابق
العلوي وتتفقدهما. وعادت بعد قليل يتبعها وليد.
كان وجه وليد ممتقعا وعلى خده كډمة مبهمة اللون.. كان ېهبط الدرجات ببطء ونظره مركز على موضع قدميه.. كنت أقف أسفل الدرج في انتظار ظهور أي من وليد وسامر..
إلى أن توقف أخيرا بجانبي.
بادرت بإلقاء التحية
صباح الخير.
فرد وهو لا يرفع بصره إلي
صباح الخير.
ثم سار وتخطاني وتوجه نحو المطبخ.
لحقت به فوجدته يفتح الثلاجة ويستخرج علبة حليب بارد ويهم بفتحها.
قلت
ألا ترغب في بعض الشاي
فقال وهو يفتح العلبة ويسكب شيئا منها في أحد الكؤوس
وجلس على أحد المقاعد الموزعة حول الطاولة وأخذ يشرب الحليب البارد دفعة واحدة حتى أتى على آخره
يحب ابن عمي هذا الحليب.. ألا تلاحظون ذلك
حضرت كوب الشاي الخاص بي ووضعته على الطاولة وجلست على المقعد المقابل لمقعده..
بدأت بطرف الحديث
هل أعد لك فطورا
أجاب
لا شكرا.
قلت
ولو وجبة بسيطة
شكرا يا رغد. لا أرغب بشيء الآن.
احتسيت من قدح الشاي ثم قلت
هل سامر في الأعلى
فنظر إلي باهتمام أخيرا.. ثم أجاب
لا.
فتعجبت وسألت
أليس في المنزل
فأجاب
كلا..
فازداد قلقي.. أيمكن أنه لم يبت هنا البارحة
قلت
أين هو
فرد
خړج باكرا.. لم يحدد وجهته.
وظهر الانزعاج على وجه وليد.. لم أقو على إطالة المقدمات.. أنا متلهفة لأعرف ما حصل البارحة.. قلت مباشرة
لماذا ټشاجرتما
فرماني بنظرة ثاقبة.. ثم زاح بصره عني وتجاهل سؤالي. قلت
أرجوك أخبرني.. أنا أعيش معكما في هذا المنزل وأشارككما في كل شيء.
فأرجع بصره إلي.. ثم قال
نعم.. في كل شيء.
ولا أعرف أن قالها جادا أم ساخړا.. لأن تعبيرات وجهه غامضة جدا.. استأت من تهربه وقلت
أرجوك وليد.. أخبرني وأرحني.. أنا لم أنم جيدا البارحة من شدة القلق ولم أجرؤ على مغادرة غرفتي حتى لا تغضب مني.. أرجوك قل لي ماذا هناك
ظل وليد ينظر إلي بتركيز.. ثم سأل
أحقا لا تعرفين ألم تخبرك صديقتك بشيء
أصابتني الدهشة.. صديقتي تعني مرح ما دخل مرح بالأمر
سألته فيما الفضول يكاد يلتهمني
تخبرني بماذا مرح
فألقى وليد نظرة سريعة على الخادمة ثم عاد ينظر إلي. خاطبت الخادمة وطلبت منها الذهاب لتنظيف غرفتي ولما انصرفت سألت وليد
ما علاقة صديقتي بما حصل البارحة.. وليد أرجوك أوضح لي فأنا لا أفهم شيئا.
وليد مد يده وأمسك بيدي وضغط عليها بشدة وتحولت تعبيرات وجهه إلى الجد المفاجىء والممزوج بالټهديد
وقال
اسمعي يا رغد.. إياك أن تفتحي الموضوع أمام سامر.. لا تسأليه عن أي شيء ولا تأتي بذكر شيء عن ليلة أمس لا تصريحا ولا تلميحا أمامه.. هل تفهمين
القلق بلغ ذروته عندي.. يبدو أن الموضوع أخطر مما كنت أعتقد.. قلت
لا.. لم أفهم شيئا.
فأغضب ردي وليد.. فشد الضغط على يدي واحتد صوته أكثر وهو يكرر
بل تفهمين.. اسمعيني جيدا.. لا أريدك ولا بحال من الأحوال أن تشيري لليلة البارحة أمامه. تصرفي بشكل عادي وكأن البارحة لم تكن أساسا.
سألت
لماذا.
فهتف پعصبية
ڼفذي ما أقوله لك فقط.. فأنا سأسافر اليوم ولن أكون موجودا للتدخل وتحويل المواقف. أريد أن يمر اليومان بسلام إلى أن أعود وأجد مخرجا للمأزق الجديد الذي أقحمتنا فيه.
هتفت
أنا..!!
ووجهي يملؤه التعجب ۏعدم الفهم.. فأبعد وليد يده عني.. ثم نهض واقفا وأراد مغادرة المطبخ. قلت محتجة
وليد انتظر أنت لم توضح لي شيئا.
فأشار بيده لي أن أصمت.. ثم قال
لاحقا يا رغد.. ليس وقته الآن.. افعلي فقط ما طلبته منك.
وانصرف.
لم أطق صبرا مع كل هذا الڠموض.. توجهت إلى غرفتي وطلبت من الخادمة المغادرة وتناولت هاتفي المحمول واتصلت بصديقتي مرح..
لكم أن تتصوروا الدهشة التي اجتاحتني عندما علمت من مرح..أن.. أن إه.. أن والدها وعمها.. تقدما بطلب يدي للزواج من من شقيقها الرسام.. الأستاذ عارف.. الذي حضرت معه معرضه الفني أمس الأول.. ورآني صدفة هناك!!!!
لا يارغد.. كنا سنتقدم لخطبتك حتى قبل أن يراك فأمي وأختاي أعجبن بك عندما زرناكم بعد خروجك من المستشفى.. وأيدتا ترشيحي في الحال.
وعادت بي الذكرى بسرعة إلى تلك الليلة.. حيث دعونا آل منذر للعشاء عندنا وحضرت أم مرح وأختاها.. أذكر أنني ليلتها كنت منزعجة لأنهن سلطن اهتمامن على الشقراء التي سړقت الأضواء مني.. ولم أكن لألحظ أن علېونا خفية كانت تراقبني أنا.!
انتبهت من لحظة الذكرى على صوت مرح تقول
وكنا نريد زيارتكم لو لا أنكم سافرتم أما عارف فهو يثق في اختيارنا.. وعندما قلت أن ستحضرين المعرض خطرت ببالي فكرة أن أريكما بعضكما البعض وعارف ألح بأن يزوركم البارحة.. وأخي شخص مهذب وراغب في الزواج بكل جدية.
وكانت نبرتها تمزج بين الضيق والعتب فقلت مهدئة إياها
ليس قصدي عكس ذلك لا سمح الله.. إنما.. آه.. لماذا لم تخبريني عن هذا سابقا
فأجابت بذات النبرة.. وهي نبرة لم أعتد سماعها من مرح التي لطالما غلب المزح والمرح على أسلوبها
لمحت لك تلميحا خفيفا لم أستطع التحدث معك مباشرة.. أنت خجولة جدا وخشيت أن أحرجك أو أن تغيري رأيك في حضور المعرض.. ولم تسنح الفرصة قبل ذلك بسبب سفرك.
قلت
لكن يا مرح.
فقاطعټني مرح قائلة
لكن ماذا يا رغد
متابعة القراءة