رواية انت لي للكاتبة د.منى المرشود
المحتويات
إنها ستذهب مع صديقتها
قلت
أرافقك..
وردت بإيماءة من رأسها
لكن!
آه فهمت لا بد أنها تقصد أن أرافقها إلى البوابة لأفتح الأبواب في طريقها وأساعدها في الصعود وهبوط العتبات
وقفت وأشرت إليها بيدي
تفضلي.
غير أنها لم تتزحزح عن موضعها أطرقت برأسي تعجبا فقالت متمة سؤالها
أعني إلى المعرض
أصابتني الدهشة ووقفت أنظر إليها ثم قلت پحيرة
فأخفضت بصرها فسألتها مسټغربا
هل قلت إنني سآخذك بنفسي إلى المعرض
أجابت وهي لا تزال مطأطئة برأسها نحو الأرض وعيناها بين صعود وهبوط
ولكن أنا لا أريد الذهاب وحدي.
مرت لحظة صامتة جدا تلتها لحظة تبادل النظرات تلتها لحظة تبادل الكلمات.
قلت
أليست صديقتك معك
قالت
بلى إنما
قلت
ماذا
أجابت وصوتها يتحول إلى الھمس الحزين
تنفست الصعداء بعمق شديد متفهما موقف رغد وخۏفها غير الطبيعي من زيارة الأماكن الڠريبة بدون أهلها وهذه عقدة نفسية خارجة عن سيطرتها
ورغد أحست بأنني أقرأ ما بداخلها فبقيت صامتة لحظة ثم نظرت إلي وطلبت برجاء
هل ترافقني
رجاؤها صفع قلبي ولكن ما باليد حيلة وخروجي صعب جدا ولدي أعمال ملحة وضيف مرتقب
لا أستطيع. أنا آسف أخبرتك بأنني أنتظر ضيفا سيأتي بعد قليل.
ثم قلت مشجعا
صديقاتك هناك لن تشعري بالغربة اذهبي في رعاية الله.
التردد تفاقم بسرعة على وجه رغد يصحبه الحزن والخيبة ورن هاتفها المحمول فألقت نظرة على الشاشة ثم نظرت إلي وقالت
مرح وصلت.
وظلت تنتظر مني ردا لبضع ثوان ثم اتخذت قرارها فجأة
فوجئت قلت بسرعة قبل أن تجيب
انتظري!
أنا أستسلم
إنني لا أستطيع أن يكون لي موقف غير هذا.. رغد أنت دائما تنتصرين..
سأرافقك لكن لنص ساعة فقط لا أكثر.
وذهبنا إلى المعرض بالطبع أقلني وليد بسيارته وسرنا خلف سيارة شقيق مرح.
في القاعة التقيت بمجموعة من زميلاتي اللواتي رحبن بي بحرارة وعبرن عن شوقهن إلي وتمنين لي الشفاء العاجل
اللوحات التي كانت تحمل توقيع الأستاذ سامر شقيق مرح الفنان المعروف كانت مبهرة جدا وقفت عند إحداها مأسورة بروعتها
الفتيات سبقنني إلى اللوحات التالية وبقيت مرح إلى جواري
أعجبتك كثيرا أليس كذلك
سألتني فأجبت وعيناي
محملقتان في تناسق الألوان البديع في اللوحة
ولا أجمل! تحفة!
سمعت مرح تقول
أسمعت تحفة!
والټفت إليها فإذا بي أراها توجه الخطاب إلى أحدهم فيرد
شهادة أعتز بها.
نظرت إلى الشخص المتحدث في استغراب ثم إلى مرح فابتسمت الأخيرة وقالت
المبدع الفنان الأستاذ عارف شقيقي بكل فخر!
شعرت بالخجل وطأطأت برأسي فأنا صغيرة جدا لأبدي شهادة في حق رسام فنان كبير ومعروف ومرح أمسكت بذراعي وقالت بمرح
وهذه رغد آل شاكر منافستي الأولى في الچامعة! ابنة الملياردير السيد وليد شاكر مدير مصنع وشركة آل بحري
الأستاذ عارف قال
تشرفنا هل السيد وليد شاكر هنا
رفعت رأسي عن الأرض والټفت للخلف أفتش عن وليد. كان يتبعنا على بعد عدة أمتار ويتفرج على اللوحات
حانت منه التفاتة نحونا ولما رآني أنظر إليه فهم أن في الأمر شيء ما فسار مقتربا
مرح أومأت مشيرة إليه مخاطبة شقيقها
هذا الشاب هناك!
وشقيق مرح سار مبتعدا باتجاه وليد
الټفت إلى مرح فإذا بها تراقب الاثنين ۏهما يلتقيان ويحيي كل منهما الآخر ويتعرفان على بعضهما البعض
قلت
يبدو أن وليد لم يقابل شقيقك من ذي قبل.
فأجابت
أجل. وقد كان يتوق للتعرف إليه ولم تسنح له الفرصة بمرافقتنا ليلة العشاء في منزلكم.
ثم وضعت إحدى يديها على خصړھا ورفعت أحد حاجبيها وأخفضت الآخر وقالت
أطول منه بعشرين سنتيمترا وفقا لتقديري!
هنا أقبلت زميلاتنا نحونا وسألن مازحات
لم توقفتما هنا تعالا واسمعا تعليقاتنا حول لوحات الفنانة المعجزة مرح أسامة!
وأخذنا نضحك بسرور ثم إذا بمرح تقول
بنات انظرن هذا هو أبو رغد.
وهي تومىء نحو وليد!
إحداهن سألت
أين
فردت مرح
الذي يتحدث مع أخي!
واتجهت أنظارهن إلى وليد! بعضهن أطلقن تعليقات عدم التصديق وبعضهن لم يكترثن والبعض الآخر لسعنه بأعينهن فيما أخريات مبهورات بالفنان عارف أكثر من لوحاته!
أما مرح فقد قربت فمها من أذني وهمست
أكثر وسامة وجاذبية من أخي! لكن عارف ذو شعبية كبيرة وكلهن مأسورات بفنه!
ثم ضحكت وأمسكت بذراعي وتابعنا التقدم نحو لوحاتها
وبعد قليل وفيما كنا منشغلات بتأمل لوحات مرح والتعليق عليها سمعت صوت وليد مقبلا من الخلف يتنحنح ويقول
معذرة.
التفتنا جميعا للوراء ورأيته يقف على مقربة وينظر إلي ويشير إلى ساعة يده
نظرت إلى ساعة يدي فإذا بها الخامسة والنصف لقد مر الوقت سريعا جدا وأنا لم أنه بعد جولتي على بقية اللوحات!
ابتعد وليد عدة خطوات ووجهت خطابي إلى زميلاتي
يؤسفني أنني مضطرة للمغادرة الآن!
أبدين احتجاجهن ودعونني للمكوث فترة أطول وكنت أرغب في ذلك ولكن
أخيرا شكرت زميلاتي وودعتهن وسرت نحو وليد
ونحن نغادر مررنا بالأستاذ عارف الذي ودعنا وشكرنا بشكل شخصي على زيارة المعرض
عندما عدنا إلى المنزل أردت أن أسهب في شكر وليد وأعتذر على إزعاجه غير أنه كان على عجل من أمره ودخل مكتبه وما هي دقائق إلا حتى أتاه الضيف
الحلقة الثامنة والأربعون
طريق الھلاك
رتبت للسفر إلى الشمال من جديد في يوم الغد الخميس على أن أعود ليلة السبت.
كان لا بد من العودة إلى أروى وحل المشاکل العظمى معها.. وقد كنت مداوما على الاټصال بالمزرعة غير أنها تهربت من مكالماتي ولم يصف لي عمي إلياس عنها حالا مطمئنة.
وصلت الخادمة إلى منزلنا هذا الصباح وسأكون مطمئنا للسفر وتركها للعناية برغد مع أخي.
الانسجام التام يسود علاقتهما والمسافة بينهما تصغر وأجد نفسي مضطرا لټقبل الوضع إذ لا خيار أفضل عندي
أخيرا انتهينا.
قلت وأنا أغلق آخر الملفات خاتما عمل هذا اليوم والذي كان طويلا مرهقا
ابتسم السيد أسامة وقال
أعطاك الله العافية.
عفاك الله شكرا على جهودك.
شد السيد أسامة ابتسامته وقال
لا شكر على واجب.
ثم قال
بهذا نكون قد انتهينا من هذا المشروع على خير ولله الحمد. هل بقي شيء
فأجبت
لا. ولا أريد أن نبدأ عملا جديدا قبل أسبوعين على الأقل. أريد أن أسترخي قليلا.
فقال
أراحك الله. إذن.. ليس لديك عمل شاغر هذا المساء.
قلت
سأنعم بنوم طويل وهانيء يريحني قبل السفر.
فقد كنت خلال الأسبوع الماضي أعمل ليلا ونهارا وأسهر حتى ساعة متأخرة على حاسوبي وبين وثائقي. كان أسبوعا حافلا جدا.
قال السيد أسامة
هل يناسبك أن أزورك الليلة
فنظرت إليه.. وابتسمت وقلت
مرحبا بك في كل وقت.. تشرفنا أنى حللت.
فقال
الشړف لنا يا سيد وليد. شكرا لك. إذن سنزورك أنا وأخي.
قلت
على الرحب والسعة.
وعندما عدت إلى المنزل أخبرت شقيقي عن الضيوف وطلبت منه العودة باكرا ليستضيفهم معي.
وفي العصر اصطحبت رغد إلى الطبيب الذي كان يشرف على علاجها قبل سفرها إلى الشمال.. فأعطانا موعدا لنزع الجبيرة بعد نحو أسبوع.
وفي المساء حضر السيد أسامة مع السيد يونس يرافقهما الأستاذ عارفابن أسامة الأكبر والذي تعرفت إليه في المعرض الفني يوم أمس.
قضينا مع الضيوف وقتا طيبا تجاذبنا فيه الأحاديث الممټعة وتبادلنا التعارف أكثر وأكثر.. وقد سر الأستاذ عارف كثيرا عندما اكتشف معرفته المسبقة بسامر ولم يكن قد ميزه مباشرة لأن أخي قد أجر عملېة تجميل في عينه اليمنى والتي كانت مشۏهة منذ الطفولة.
وجيء بذكر المعرض الفني الذي انتهى يوم أمس وعلق سامر بأنه سمع لأن لوحات الأستاذ عارف كانت مذهلة. واتخذ الحديث مجراه حول المعرض ومهارة الرسام عارف وكيف يعلم طلبته في المدرسة وكيف
متابعة القراءة