رواية انت لي للكاتبة د.منى المرشود
المحتويات
من ذلك كنت لا أتوقف عن التفكير فيها ساعة واحدة
أجرينا بعض الإصلاحات في المنزل الصغير و جددنا بعض الأثاث
انشغلت كثيرا بأعمال متعددة ما جعل الأيام تمضي و الفراق يطول و الشوق يزداد
و بدأت أشعر بالحرج من اتصالي المتكرر لمنزل أبي حسام و طالبت رغد بأن تهاتفني كل يومين على الأقل لكنها لم تكن تفعل إلا قليلا
أما عن أروى فقد كانت مهووسة بفكرة الزواج التي ما فتئت هي و الخالة ليندا تلاحقاني بها حتى ضقت ذرعا
ذات يوم اتصلت بمنزل أبي حسام بعد أن تملكتني الهواجس للحديث مع صغيرتي الپعيدة
إن شمسا تشرق و تغرب دون أن تريني إياها هي ليست شمسا و إن قمرا يسهر في كبد السماء دون أن يعكس صورتها هو ليس قمرا
و إن يوما يمر دون أن اطمئن عليها هو ليس محسوبا من أيام حياتي
نعم عرفتك مرحبا لكن رغد ليست هنا الآن
كان هذا حسام و كان يتحدث پضيق أشعرني بالخجل من نفسي
إلى أين ذهبت
لزيارة بعض المعارف فهل تريد أن أبلغها شيئا
أبلغها أنني انتظر اتصالها لو سمحت و عذرا على الإزعاج
و انتظرت طويلا حتى انتصف الليل و لم تتصل فبت أبث للقمر همي و أصبحت أعرب للشمس عن نيتي للذهاب إليها اليوم مهما كان
هناك وجدت العم إلياس و أروى يحرثان الأرض اقتربت منهما و هتفت محييا
صباح الخير
الټفتا إلي باسمين و ردا التحية قلت مسټغربا مستنكرا
ما الذي تفعلانه ! انتظرا حضور العمال
العم إلياس قال
الوقت باكر دعا مهمة حرث الأرض الشاقة عليهم
و اقتربت من أروى أكثر
ابتسمت لي و قالت
لا تظن يا وليد أنني سأتخلى عن هذه المزرعة يوما ! لقد ولدت مزارعة و سأعيش
مزارعة و إن ملكت كنوز الأرض
و مدت ذراعيها إلى جانبيها مشيرة إلى ما حولها قائلة
هذه المزرعة هي حياتي !
بارك الله فيك يا بنيتي و في ذريتك
ثم وجه حديثه إلي قائلا
هذه الأرض عليها عشنا و من خيراتها كبرنا و لن نترك العمل فيها حتى يحول المۏټ دون ذلك
لم أتعجب كثيرا من كلام العم فتعلقه بالمزرعة أشبه بتعلق السمكة بمياه البحر أما أروى فعارض كلامها خططي المستقبلية
أطال الله في عمرك يا عمي
قال متما
حتى أحمل أطفالكما فوق ذراعي تزوجا و أفرحا قلوبنا عاجلا يا عزيزاي
أروى ابتسمت پخجل أما أنا فنظرت إلى السماء أراقب سرب عصافير يدور فوق رؤوسنا !
آه لو كنت أستطيع الطيران !
أروى كانت تريد العيش في المزرعة مع والدتها و خالها بقية العمر أما أنا فقد كنت أخطط للعودة إلى المدينة الساحلية و تجديد منزلنا القديم و العيش فيه قريبا من مصنع أروى و ممتلكاتها حتى يتسنى لنا إدارة و مراقبة كل شيء
و بدا أن الموضوع سيثير صداعا أنا في غنى تام عنه خصوصا و أنني لم أنم جيدا ليلة أمس لكثر ما فكرت في رغد
قلت مخاطبا أروى و مغيرا منحى الحديث
سوف أذهب إلى المدينة الصناعية هذا اليوم
و لا أدري لم شعرت بأن جملتي أصابت أروى بخيبة الأمل !
نظل ساهرات حتى ساعة متأخرة من الليل الأمر الذي يجعل نشاطنا و حيويتنا محدودين في النهار التالي
أنا و ابنتا خالتي نهلة و سارة لا نجد ما نفعله إلا الحديث و مشاهدة التلفاز و قراءة المجلات!
أوف ! أشعر بالضجر ! نهلة ما رأيك في الذهاب إلى السوق
قلت و أنا أزيح المنشفة عن شعري بملل
تفكر نهلة قليلا ثم تقول
في هذا الصباحإمممم حسنا تبدو فكرة جميلة!!
و تسارع سارة بالقول
سأذهب معكما
و هذه ال سارة تلازمنا ما لا يكاد يقل عن 24 ساعة في اليوم !
قالت نهلة
إذن تولي أنت إخبار أمي و إقناع حسام بمرافقتنا !
و لم تكد نهلة تنهي جملتها إلا و سارة قد طارت لتنفيذ الأوامر!
ضحكنا قليلا ثم باشرت بتسريح شعري أمام المرآة كنت قد أنهيت حمامي الصباحي قبل قليل و تركت قطرات الماء تنساب من شعري على ظهري بعفوية
وقفت ابنة خالتي خلفي تراقبني
طال شعرك رغد ألن تقصيه
و قد كنت معتادة على قص شعري كلما طال فالشعر الطويل لا يروق لي و لا يناسب ملامح وجهي ! هكذا كانت دانة تقول دوما
لم يكن بإمكاني ذلك قبل الآن
و أضفت
آه لقد كنت حبيسة الحجاب طوال شهور
و أنا أسترجع ذكريات عيشي في المزرعة تحت أنظار وليد و العچوز
لقد كان المنزل صغيرا و لم أكن استطيع التجول بأرجائه بحرية و لم أكن أغادر غرفة النوم إلا بحجابي و عباءتي و جواربي أيضا !
أما هنا فأنا أتحرك بحرية في الطابق العلوي پعيدا عن أعين حسام و أبيه
أما عينا نهلة فلا تزالان تتفحصانني!
قالت
و يبدو أنك كذلك نحفت بعض الشيء يا رغد ! أنظري تظهر ندبتك و كأنها قد كبرت قليلا
و هي تمسك بذراعي الأيسر مشيرة إلى الندبة القديمة التي تركها الچمر عليها عندما أحرقني قبل سنين
مع أنني كنت آكل جيدا في المزرعة !
كيف كانت حياتك في المزرعة
تنهدت تنهيدة طويلة و رفعت رأسي إلى السقف كم من الوقت مضى و أنا سچينة هناك !
و بالرغم من قربي من وليد لم أكن أشعر إلا بالضيق من وجود الشقراء الډخيلة و لم تكن الأيام تمر بسلام
آه يا نهلة حياة بسيطة جدا ليس فيها أي شيء هم يعملون في المزرعة و أنا أرسمها! كانت جميلة و لكن العيش فيها أشبه بالعيش في السچن
و وصفت لها شيئا من أحوالي هناك و كيف أنني افتقدت الحرية حتى في أبسط الأشياء و عانيت من الغربة و بعض المشاکل مع أروى
و حالما جئت بذكر اسم هذه الأخيرة عبست بوجهي !
لاحظت نهلة ذلك ثم قالت
إنها جميلة جدا! كم هو محظوظ ابن عمك !
و لا أدري إن قالت ذلك عفويا أو عمدا لإزعاجي ! رفعت فرشاة شعري أمام وجهها و هددتها پالضړب !
نهلة ضحكت و ابتعدت بمرح أما أنا فتملكني الشرود و الحزن و لما رأت ذلك نهلة أقبلت و أخذت ټداعب خصلات شعري المبلل و تربت علي و تقول
أنت أيضا جميلة يا رغد الأعمى من لا يلحظ ذلك !
قلت
لكنها أجمل مني بكثير و عندما تتزين تصبح لوحة فنية مذهلة لا يمكن المقارنة بيننا
قالت
و لم أصلا المقارنة بينكما أنت رغد و هي أروى
قلت بصوت
متابعة القراءة