رواية مزيج العشق جميع الفصول كامله بقلم الكاتبة نورهان محسن
أخذ نفسًا عميقًا، ثم اتجه للداخل وبعد إلقاء التحية تحدث مع البائع بهدوء: لو سمحت عايز....
البائع بإحترام: تحت امر حضرتك لحظة واحدة
....: هاخد دي حلوة اوي دي يا حبيبي
قطب زين بين حاجبيه وأدار رأسه، فهذا الصوت الأنثوى يعرفه جيدًا وقد صدق حدسه.
....: تمام حبيبتي هناخدها في حاجة تانية عجباكي
في حين أن الرجل الواقف معها يبدو في الثلاثينيات من عمره، ومظهره الأنيق دليل رخاء معيشته.
لاحظ عينيها المجمدة على هذا الرجل الأسمر الوسيم الذي كان يقف بعيدًا عنهما بقليل
أومأت إليه وارتفع صوتها قليلًا، وهي تلف أصابعها حول ذراعه بامتلاك، وسارت معه نحو زين الذي زفر بامتعاض، وهو يراها تتجه نحوه.
نطقت بتوتر: ازيك يا زين اخبارك ايه؟
زين ببرود: الله يسلمك يا ريهام انا تمام
ابتسمت ريهام إليه، وقالت بفخر وغرور: احب اقدملك جلال الحديدي خطيبي من رجال الاعمال الكبار في البلد
صافحه جلال بهدوء: اهلا وسهلا اتشرفت بيك
زين بإحترام: الشرف ليا
ريهام بخبث: هو انت استقريت في مصر يا زين
لقد فهم ما قصدته عندما لاحظ أن عينيها موجهتان إلى يده اليسرى، هو حقًا لا يعرف كيف كان يحبها في يوما ما هي تختلف عنه في كل شيء، ولا تناسبه من جميع النواحي: لا حاليا مستقر في بلدي قنا واتجوزت هناك كمان
اومأ اليها قائلا بفتور: ان شاء الله
جلال: فرصة سعيدة يا دكتور
زين: ميرسي جدا
قال البائع يوجه حديثه إلى زين: بعد اذنك يا فندم
زين: معاك.. عن اذنكم
تركهم يسترسل حديثه مع البائع، لكنه سعيد رغم كل شيء بما حدث الآن، لأنه لم يشعر تجاهها بأي شعور لا كراهية ولا حب ولا حتى ألم، وهذا يؤكد أنها لم تعد تشكل اهمية عنده ولا تترك أي أثر به مطلقا، وأن تلك التجربة قد شفى من جراحها، والفضل يعود إلى زوجته الشقية، التي تسللت إلى قلبه لتقلب كيانه وحياته رأسًا على عقب.
بينما ريهام تائهة في تفكيرها بزين لم يتغير، فرغم كل ما حدث منها، لكنه لم يسيء إليها، فهي تعلم كم هو شهم وعالي الأخلاق.
إذ لم تكن مندفعة وإنساقت وراء تهورها في الماضي، ربما كانت هي زوجته الآن، لكن هذا هو قدرها وهي الآن سعيدة بحياتها، ويبدو أنه سعيد في حياته الجديدة أيضا، وتأمل أن يغفر لها في يومًا ما على ما فعلته به.
جاء المساء بسرعة
كانت كارمن تجلس أمام المرأة وتبتسم بشرود، وهي تتذكر الساعات الجميلة التي قضتها مع أدهم.
رمشت عيناها مندهشة وهي تري انعكاس ابنتها على المرأةxخلفها وهي جالسة على السرير، ممسكة بالقلم وتخربش على ورق دفتر الرسم التي أحضرته لها مريم لتسليتها.
استدارت وسارت إلى مكانها بابتسامة حيث تري ابنتها تلون الرسومات غير الملونة بألوان جميلة حقًا.
قالت كارمن وهي جالسة بجانب ملك، وتمسح علي شعرها برقة: حبيبة ماما بتعمل ايه وريني كدا
ناولتها الورقة تقول بصوتها الطفولي: رسمة ملك
كارمن بإعجاب: الله ايه الحلاوة دي يا نور عيني
ثم أضافت وهي تحملها بين ذراعيها وتجلسها على حجرها وتلاعبها بضحكه: بقيتي تقعدي مع كتير تيته ليلي وتيته مريم وسايباني لوحدي ينفع كدا
مريم: كارمن
استدارت عينا كارمن نحو الباب الذي انفتح، ودخلت والدتها فقالت وهي تلهث: نعم يا ماما
ليلي ببشاشة: بتعملو ايه؟
كارمن بإبتسامة حلوة: تعالي شوفي ملك بتعمل ايه
اقتربت منهما مريم التي بدت مرتبكة قليلًا، ثم بلطف مسحت براحة يدها على شعر الصغيرة لتقول بخفوت: بقي عندنا فنانه تانية صغننه ربنا يحميها
نظرت كارمن إلى ملك بحنان ثم قبلت وجنتيها الحمراوين، قائلة بهدوء: يارب يخليكو ليا يا ماما..
اردفت وهي تري مريم تفرك يديها بإضطراب: بس انا حاسه ان في حاجة عايزة تقوليها صح
خفضت مريم بصرها قائلة بتوتر: هقولك بس براحة كدا مش عايزة اعصابك تتوتر.. انتي عارفه مين تحت دلوقتي مع ادهم؟
همست كارمن، وبدأ القلق يتملكها من نبرة والدتها المرتبكة: مين يا ماما!!
مريم: عمك وولاده
فتحت فمها بدهشة وعدم استيعاب : عمي اللي في الصعيد جه هنا
عندما رأت شحوب وجه ابنتها، هتفت مريم بسرعة في محاولة لطمأنتها: ايوه يا حبيبتي.. بصي هما عايزين يتكلمو معانا فإلبسي وتعالي نشوف عايزين مننا ايه.. انا هسبقك علي تحت وماتخافيش ادهم موجود معانا
بعد قليل في الاسفل
نزلت كارمن والقلق يسيطر عليها، كانت في حيرة شديدة من سبب قدوم هؤلاء الناس الآن، بعد كل هذه السنوات، تذكروا أن لديهم ابنة ويريدون رؤيتها
لن تنسى حزن والدها بسبب غضب والده عليه لأنه تزوج والدتها صحيح أنهم لم يتحدثوا عن هذا الأمر أمامها، لكنها كانت تسمعهم يتحدثون عنه كثيرًا بالخفاء، وفي كل مرة كانت تري دموع والدها تتساقط بحزن كلما تذكر غضب والده عليه، ورفضه رؤيته حتى عندما كان يحتضر أو هكذا اعتقدت أنها لا تعرف تماما ما كان يحدث.
وصلت إلى الريسبشن الخاص لاستقبال الضيوف، ولكن قبل الدخول ألقت نظرة خاطفة ورأت ثلاثة رجال، بدا علي أحدهم أنه أكبرهم سنًا بسبب شيب شعره، كان وقورا في جلسته، لكن ما فاجأها أن ملامحه كانت قريبة جدًا من ملامح والدها.
بالتأكيد هذا عمها الذي لا تذكر اسمه حتى، وبجانبه شابان لابد أن يكونا أبناء عمها، ومعهم أدهم وليلى ومريم وهم يتحدثون، لكنها لا تسمع شيئًا مما يقولون.
أغمضت عينيها وأخذت نفسا عميقا لتهدئة نفسها، ودخلت برشاقة، وخطوات متزنه عليهم.
فجأة توقفوا عن الكلام عندما رأوا تلك المرأة الفاتنة تظهر عليهم في مظهرها الهادئ خارجيا، وقام الجميع من مقاعدهم للترحيب بها.
كارمن بهدوء: مساء الخير
قام الجميع برد التحية
مريم بإبتسامة: تعالي يا كارمن سلمي علي عمك واولاده
احمرت وجنتاها قائلة برقة فطرية: اهلا وسهلا
همس ماجد بصوت خافت لم يسمعه سوى زين الذي كان يقف بجانبه: تصدق طلعت حلوة اوي علي الطبيعة.. بقي دي بنت عمي انا والله مش مصدق
تمتم زين بحنق، وهو يلكزه بخفة: احترم نفسك جوزها واقف جنبك يا غبي
اقترب منها بدر، وقال بابتسامة بشوشة: بسم الله ماشاء الله انتي اجمل من الصور بكثير
مدها يده لمصافحتها، فرفعت يدها وصافحته بابتسامة صغيرة قائلة بتحفظ: شكرا لحضرتك
قهقه بدر بمرح: ما بلاش رسميات يا بنتي انا عمك بدر قوليلي عمي من غير حضرتك دي
أومأت إليه بخجل وهي تنظر إلى أدهم الذي كان يتابع ما يحدث دون أي رد فعل، لكن عينيه على كارمن لم يرمش، فكان يشعر بارتباكها ويريد بأي شكل من الأشكال طمأنتها.
أراد أن يصعد إليها منذ قليل، لكنه حافظ على ثباته وأرسل والدتها لتخبرها بنفسها.
ادهم بثبات: تعالي يا كارمن
بدت كما لو كانت تنتظر تلك الجملة وبمجرد أن نطق بها، توجهت بسرعة نحوه.
اضاف ادهم برزانه وهدوء: اتفضلو استريحو
جلست كارمن بجانب أدهم الذي رفع يديه خلف ظهرها ليحيطها بحماية، وضغط بلطف على ذراعها كما لو كان يرسل رسالة صامتة بأنه بجانبها لدعمها.
شعرت بالأمان يغلف قلبها بحضوره فقط وأنها تحت كنف مسؤليته، فالأمان العاطفي هو الذي يولد شعورًا بالحب الصادق، ويجعله يدوم طويلًا.
جلس بدر مرة أخرى وقال بهدوء: اول حاجة يا كارمن عايز اعرفك علي الدكتور زين ابن عمتك حياة
ثم أشار إلى ماجد، الذي قاطع كلماته، قائلًا بمرحه المعتاد: وانا ماجد ابن عمك بشحمه ولحمه.. فاضلي السنه دي واخد ليسانس حقوق وابقي محامي
ابتسمت كارمن بسبب خفة ظله: ربنا يوفقك
حدق بدر في ماجد بتحذير، ثم اتجهت عيناه إلى مريم وهي تتحدث بهدوء مع كارمن: عمك بدر كان عايز.....
قاطعها بدر قائلا بوقار: خليني انا افهمها احسن يا ست الكل
أومأت إليه مريم بتفاهم، وجعلته يبدأ الحديث بينما كان الجميع في حالة ترقب
بدر:....
نهاية الفصل الثاني والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون (حاجز) مزيج العشق