رواية مزيج العشق جميع الفصول كامله بقلم الكاتبة نورهان محسن
استدارت ورأت أدهم يندفع نحوها بخطوات واسعه اقرب الي الركض، وعندما وصل إلى مكانها بتلقائية شدها بين ذراعيه وعانقها بقوة وخوف شديد، وكاد قلبه أن يتوقف عن النبض من الهلع عليها، وفي نفسه يحمد الله على انها لم تصاب بمكروه.
أما بالنسبة لها، فقد كانت متفاجئة للغاية من تصرفه، لكنها شعرت بدفء يسري في جسدها، وهي تجرب عناقه لأول مرة.
تمسكت كارمن به بقوة وأغمضت عينيها، وهي تسمع نبضات قلبه السريعه بداخل ضلوعه، ثم اخذت تتنفس بهدوء هي بحاجة إليه الآن، ولا تستطيع وصف الاحساس بالأمان الذي شعرت به داخل ذراعيه في هذه اللحظة، رغم أنها كادت أن تفقد حياتها، وهو السبب.
تكلم بسرعه وهو يتفحصها جيدًا بعينيه: انتي كويسة.. حصلك حاجة.. في حاجة بتوجعك.. اخدك علي المستشفي
اجابت بهمس مؤكدة: مافيش داعي.. متقلقش انا محصليش حاجة واقفة قدامك اهو
ثم نظرت إلى الشخص الذي يقف أمامهم، والذي كاد ان يخرج الدخان من أذنيه من الشدة الغضب، فكل ما خطط إليه وفعله راح هباءًا.
كان مراد مسحورا تمامًا بابتسامتها البريئة وبأسلوبها الرقيق للغاية، حيث شعر لأول مرة بضربات قلبه تنبض في صدره بتلك القوة منذ وقت طويل قبل وفاة أعز الناس إليه.
توجهت نظرات أدهم الثاقبة إلى الشخص الواقف أمامهم، والذي لم ينتبه إلى وجوده بسبب شدة توتره.
و بحركة تلقائية منه وضع ذراعه علي كتفيها من الجنب، واحتضنها إليه بتملك، فما هي الغيرة إلا مجموعة من التصرفات الغريبة والأحاسيس المشتعله التي تظهر على الإنسان من دون أن يتحكم بها.
في نفس التوقيت حاول مراد أن ينفض ذكرياته المؤلمة من عقله، وهو يجمع تركيزه الكامل عندما رأي حركة ادهم وقد فهمها جيدا، فأراد حرق دم أدهم بعد أن شهد احتضانه القوي لكارمن أمام عينيه، ممَ جعله يشعر بالغيرة القاتلة منه عليها.
تحدث ادهم بنبرة باردة كالصقيع وهو يشدد علي كلماته: لا اكيد الشكر واجب.. متشكر جدا علي انقاذك حياة مراتي يا استاذ
نظر مراد اليه بحاجب مرفوع يتصنع الدهشة قائلا بمكر: مراتك.. تمام معلش بعتذر ماخدتش بالي لإني ماشوفتش دبلة في ايد المدام
نظرت كارمن لإصبعها في حرج من تلك المحادثة التي كانت تدور امامها، وأرادت أن تخفف من غضب أدهم الذي أصبح واضحًا عليه من تعقيد حاجبيه.
همست كارمن بكذب وهي تبتسم بتوتر: ايوه فعلا اصلي انا نسيت الدبلة في البيت.. متشكرة لحضرتك مرة تانية
تجاهل أدهم هذا الحديث من ذلك الدخيل أمامه، فوجه حديثه لكارمن قائلا بجدية: ماشوفتيش العربية اللي كانت هتخبطك ؟
هزت رأسها بمعني لا
تدخل مراد في الحديث بثقة: معتقدش ان الغلطة من صاحب العربية لان المدام كانت بتعدي الشارع وهي بتعيط اكيد ماوقفش عشان مايحطش نفسه في مشكلة
ثم واصل حديثه قائلا: المهم انها بخير واني لحقتها في الوقت المناسب..
ثم اردف بثقة عالية في النفس وهو يمد يده إلى ادهم: انا مراد عزمي اتشرفت بيك
مد ادهم يده اليه قائلا بفتور: ادهم البارون.. الشرف ليا
ابتسم مراد لكارمن بجاذبية: ميرسي عن اذنكم عندي شغل
ثم ابتسم لأدهم ابتسامة صفراء، وغادر بهدوء بعد أن أحدث عاصفة عنيفة داخل قلب أدهم.
ادهم بهدوء مفتعل: يلا بينا
نظرت اليه كارمن بدهشة: هنروح فين؟
تحدث أدهم وهو يرفع أطراف أصابعه بلطف، ويزيح خصلة من شعرها سقطت على عينيها: هنروح البيت عشان تستريحي بعد اللي حصل
أثارها لمسه اللطيف على وجهها ونبرته الحنونه، وكان قلبها لا يزال ينبض بعد عناقه الدافئ لها
كارمن بخجل: طيب وشغلك ؟
ابتسم ادهم قائلا بحنو: مش ورايا حاجة مهمه.. انتي متأكدة انك مش حاسة بوجع ممكن نروح المستشفي نطمن
كانت سعيدة بداخلها لأنه يخاف عليها، لكنها لم تنس ما فعله بها منذ قليل، فأجابت بهدوء وهي تبتعد عن ذراعه: انا تمام يلا نروح
كان يعلم أنها لا تزال غاضبة مما فعله معها، فسار معها إلى السيارة وركب بجانبها في صمت.
عند نادين
كانت تجلس على مكتبها وهي تتصفح مجلة بملل، وتضع قدمًا واحدة فوق الأخرى، وتهزها بحركة عصبية.
أضاء هاتفها الموجود على المكتب أمامها بإستلام رسالة.
أخذته تنظر إليه، لتجد أنها رسالة من جاسوسها في الشركة، ينقل لها كل ما حدث منذ قليل، فإبتسمت بشماتة عندما علمت بشجارهما معًا
هامسة بداخلها: مش كانت داستها العربية دي وخلصت منها.. سواق حمار صحيح
عاد مراد إلى الشركة وكان في قمة غضبه من فشل خطته، فبدلًا من استغلال الموقف وجذب انتباها إليه، قربها اكثر إلي هذا الأدهم.
أثناء ذهابه إلى مكتبه إلتقى بحاتم في الممر.
توقف عن المشي عندما صاح حاتم متسائلًا: كنت فين يا مراد؟
اجاب مراد بغضب مكتوم: كنت في مشوار في حاجة حصلت وانا مش موجود
رد حاتم بدهشة من تقلباته الكثيرة هذه الفترة: ايوه طبعا العميل تبع المناقصة الجديدة مستنيك من بدري في مكتبك
زم شفتيه وهو يضرب جبهته بتذكر: اخ.. انا نسيت ميعاده خالص
رفع حاتم حاجبيه قائلا بحيرة: وايه اللي خلاك تنسي.. دي اول مرة تنسي حاجة في الشغل
قص عليه مراد ماحدث معه قبل قليل
هتف حاتم بعدم تصديق وهو يخبط كف علي كف: انت اجننت رسمي يا مراد.. في حد يعمل كدا افرض كانت اتفرمت تحت عجل العربية
مراد بتذمر: بعد الشر عليها وانا مش عبيط عشان اخاطر بحياتها انا كنت واثق ان حمدي قدها
حاتم بسخرية: وايه اللي استفادته دلوقتي من استفزازك لأدهم.. كدا ممكن هتخليه يحطك في دماغه ويدور ورانا
مراد بعدم اهتمام وغرور: مايدور انا مفيش حاجة ضدي اخاف منها.. المهم انا هروح اشوف العميل.. بعدين نتكلم.. سلام
حاتم بعجز: ربنا يهديك يا ابني ويكفيك شر دماغك
نهاية الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرون ( ثورة قلب ) مزيج العشق