مهد البكاء: الأمومة التي لم تكتمل - كاملة الفصول بقلم مجهول

موقع أيام نيوز


الوضع استدعى قرارا سريعا لإجراء عملية قيصرية طارئة. وقفت لينا بجانب أختها محاولة تقديم الطمأنينة بينما يديها كانتا تعملان بثبات الخبراء. رغم كل جهودها وقع ما لم تتمناه يوما فقد واجه الطفل صعوبة شديدة في التنفس بمجرد أن جاء إلى العالم ورغم محاولات الإنعاش لم يتمكنوا من إنقاذه.
اڼهارت سارة عند سماع الخبر وكانت لينا تشعر وكأنها فقدت جزءا من روحها. لم تكن مجرد طبيبة فقدت مريضا كانت أما فقدت حفيدها الذي لم تتمكن حتى من حمله بين ذراعيها. الأيام التي تلت كانت مليئة بالحزن والندم وبدأت سارة تنأى بنفسها عن لينا تحت تأثير الألم الشديد والخسارة.

مع مرور الوقت بدأت الشكوك تتسلل إلى قلب سارة. أقنعتها حماتها وزوجها بأن لينا ربما كانت تشعر بالغيرة من حملها وأن تصرفاتها في غرفة الولادة كانت مدفوعة برغبة لا واعية في التسبب بالأڈى. انقلبت سارة ضد لينا وقررت تقديم شكوى قضائية ضدها متهمة إياها بالتسبب في ۏفاة طفلها.
كانت لينا تقف في قاعة المحكمة تشعر بالعزلة والخېانة. لحسن الحظ شهد الفريق الطبي والممرضات الذين كانوا حاضرين خلال الولادة لصالحها موضحين أن كل ما فعلته كان ضمن الإجراءات الطبية المتبعة وأنها قدمت كل جهد ممكن لإنقاذ الطفل. ولكن حتى مع براءتها كان الضرر قد وقع. فقدت لينا ليس فقط حفيدها بل وأختها التي ربتها كابنتها.
الفصل الخامس الغفران
تمر الأيام بثقل لا يحتمل على لينا كل يوم يمضي يزيد الشرخ في قلبها عمقا. منذ ذلك اليوم المشؤوم في قاعة المحكمة لم تسمع صوت سارة مرة أخرى. كانت الأخبار التي تصلها عن سارة تأتي عبر أصدقاء مشتركين أو بعض أفراد العائلة الذين كانوا يحاولون جاهدين لم الشمل دون جدوى.
لينا رغم الألم والخېانة التي شعرت بها وجدت في قلبها مساحة للغفران. كانت تقضي الكثير من وقتها في التأمل والدعاء تطلب من الله أن يحنن قلب سارة ويعيدها إلى حضنها. كل ليلة قبل أن تغفو كانت تردد دعوة صادقة بأن يرزق سارة الخلفة الصالحة وأن يجمع شملهما في القريب العاجل.
بعد أربع سنوات من الفراق في ليلة
هادئة من ليالي رمضان وصلت لينا رسالة من سارة. كانت الرسالة بمثابة قطرة ندى على قلب ذابل تقول سارة فيها إنها بحاجة لرؤية لينا. بدت الكلمات محملة بالندم والحاجة للسماح.
في اليوم التالي وقفت لينا على عتبة منزل سارة مترددة للحظات قبل أن تطرق الباب. فتحت سارة الباب ولم تستطع كلتاهما تمالك نفسها. احتضنتا بعضهما بقوة والدموع تغسل سنوات الألم والغياب.
جلستا معا وبدأت سارة بسرد ما مر بها من الحزن والفقد الذي أنهكها إلى النصائح المغرضة التي أخذتها من حولها. اعترفت بأن الڠضب والحزن أعماها عن رؤية الحقيقة أن لينا لم تكن لتؤذيها قط.
تبادلتا العفو والدعوات واتفقتا على أن يبدأن فصلا جديدا معا يسوده الحب والتفاهم. كانت لينا تعلم أن الطريق لم يكن سهلا لكن القلب الذي يسامح هو القلب الذي يشفى. وبينما كانتا تتطلعان إلى المستقبل شعرتا بأن الحياة قد منحتهما فرصة جديدة للمضي قدما معا متحدين الألم بقوة العائلة والمحبة.

 

تم نسخ الرابط