قصة الاخدود

موقع أيام نيوز

عندما صرح بالألوهية والربوبية لغيره فأراد أن يعرف أصل هذه الفتنة ومصدرها حتى وصل إلى الغلام ثم إلى الراهب وأراد أن يصدهم عن ما هم عليه فأبوا واحتملوا العڈاب والقتل على الكفر بالله وأما الغلام فلم ېقتله قتلا مباشرا كما فعل مع الوزير والراهب بل استخدم معه طرقا متعددة لتخويفه وإرهابه طمعا في أن يرجع عن ما هو عليه ويستفيد منه في تثبيت دعائم ملكه وفي كل مرة ينجيه الله ويعود إلى الملك عودة المتحدي  وكان الناس يتابعون ما يفعله الغلام خطوة بخطوة ويترقبون ما سيصل إليه أمره فلما يئس الملك من قټله أخبره الغلام أنه لن يستطيع ذلك إلا بطريقة واحدة يحددها الغلام نفسه ولم يكن الغلام يطلب المۏت أو الشهادة بل كان يريد أن يؤمن الناس كلهم وأن يثبت عجز الملك وضعفه  في مقابل قدرة الله وقوته فأخبره أنه لن يستطيع قټله إلا بأن يجمع الناس في صعيد واحد ويصلبه على خشبة ثم يأخذ سهما وليس أي سهم بل سهما من كنانة الغلام   ويرميه به قائلا بسم الله رب الغلام .
وكان للغلام ما أراد ووقع السهم في صدغه ثم وضع يده على مكان السهم وماټ وما كاد الغلام أن يسقط مېتا ويتنفس الملك الصعداء بعد أن ظن أنه اقتلع هذه الفتنة من جذورها حتى تنادى الناس من كل حدب وصوب مؤمنين بالله جل وعلا مرددين آمنا برب الغلام .
وهنا جن جنون الملك وثارت ثائرته فقد وقع الأمر الذي كان يحذره ومن أجله قتل الغلام فحفر الأخاديد وأضرم فيها النيران وتوعد كل من أصر على دينه بأن يقذف فيها ولكن هيهات بعد أن كسر الغلام حاجز الخۏف والرهبة في نفوسهم وبين لهم بأبلغ رسالة وأفصح بيان عجز الملك وضعفه أمام قدرة الله وقوته فرضي الناس بالټضحية بالنفس في سبيل الله على  الرغم من أنه لم يمض على إيمانهم إلا ساعات قلائل بعد الذي عاينوه من دلائل الإيمان وشواهد اليقين وأنطق الله الرضيع عندما تقاعست أمه عن اقټحام الڼار فكانت آية ثبت الله بها قلوب المؤمنين .
إن هذه القصة تبين لنا قاعدة مهمة من قواعد النصر وهي أن الانتصار الحقيقي هو انتصار المبادئ والثبات عليها وأن النصر ليس مقصورا على الغلبة الظاهرة فهذه صورة واحدة من صور النصر الكثيرة وأن الحياة الدنيا وما فيها من المتاعب والآلام ليست هي الميزان الذي يوزن به الربح والخسارة لقد انتصر هذا الغلام عدة مرات في معركة واحدة وموقف واحد انتصر بقوة فهمه وإدراكه لأقصر وأسلم الطرق لنصرة دينه وعقيدته وإخراج أمته ومجتمعه من الظلمات إلى النور وانتصر بقدرته على اتخاذ القرار الحاسم في الوقت المناسب متخطيا جميع العقبات ومستعليا على الشهوات ومتاع
الحياة الدنيا وانتصر عندما تحقق ما كان يدعو إليه وما قدم نفسه من أجله وانتصر عندما فاز بالشهادة في سبيل الله وانتصر عندما خلد الله ذكره في العالمين وجعل له لسان صدق في الآخرين صحيح أن الناس كلهم ېموتون ولكنهم لا ينتصرون جميعا هذا الانتصار .

تم نسخ الرابط