رواية بقلم دعاء عبدالرحمن
المحتويات
وقد غارت عيناها وقالت
بس الرقم مش معايا هنا دلوقتى.. بكره اروح المكتب أجيبه
قالت ام فارس برجاء
ارجوكى يا بنتى مش هقدر استنى للمغرب مينفعش تروحى المكتب بالنهار
توترت دنيا أكثر وقالت بتلعثم
اه اه هحاول اشوف ينفع ولا لاء وهرد عليكى فى اقرب وقت وبعدين مفيش داعى تتعبى نفسك انا لما اروح المكتب هكلمه واطلب مساعدته مټخافيش
هعمل ايه دلوقتى لو الدكتور حمدى عرف.. كل حاجة هتبوظ
ظلت تفكر منذ طلوع الفجر وحتى قرب وقت الظهر وهى ترتشف القهوة كوبا تلو الآخر حتى هداها شيطانها لفكرة لمعت فى رأسها على الفور وبلورها لها عقلها ...أنتظرت حتى بعد الظهر بقليل ثم أعادت الأتصال بام فارس مرة أخرى وقالت لها بأسى
أجرت مهرة اتصالا هاتفيا تقوم به لأول مرة منذ زواجها وقالت بارتباك
علاء من فضلك محتاجة منك حاجة مهمة أوى
قال بتثاقل وهو ينهض من فراشه
طب مش تقولى صباح الخير يا حبيبى الأول
قالت بصوت مرتجف
أرجوك يا علاء مش وقته انا محتجالك
خير يا مهرة عاوزه أيه.. محتاجه فلوس ولا حاجة
قالت بصوت باكى
فارس جارنا ..أمن الدولة خدوه ومش عارفين نلاقيه.. بيقولوا معتقل بس
فين مش عارفين .. وانت أكيد ليك اصحاب كتير معروفين ورجال أعمال ممكن يعرفولنا طريقه
هتف بها حانقا
مش فارس ده اللى ضربنى
أحسن خإليه يتبهدل ولا ېقتلوه ويرحونا منه ..ربنا خادلى حقى
شهقت بشدة وأخذ صدرها يعلو ويهبط وهى تبكى وتقول
أرجوك يا علاء علشان خاطر ربنا .. أعمل كده لوجه الله طيب ..طيب علشان خاطر امه المسكينة
صاح بها وهو ينهى المكالمة
بقولك أيه يا مهرة بلا امه بلا ابوه.. أنا راجل نجم عاوزه حد يعرف انى اعرف واحد معتقل ..عاوزه تضيعى مستقبلى ...
يارب مالناش غيرك يارب نجيه .. ده عمره ما أذى حد يارب
طرق صلاح باب حجرة مكتب إلهام ودخل وقد بدا القلق على محياه فاعتدلت وقالت بسرعة
ها يا صلاح وصلتوا لحاجة.. عرفتوا عمرو مبيجيش ليه
أتقبض عليه من يومين ... خدوه الفجر من بيته
هبت واقفة وقالت بفزع
مين دول اللى خدوه وليه
رفع كتفيه باسى وقال بحيرة
مش عارف يا بشمهندسة بس طريقة القبض عليه دى بتقول انهم مش مباحث عادية شكلهم كده أمن دولة
هوت إلى مقعدها وارتجف قلبها بين أضلعها واتسعت عيناها وهى تفكر وفجاة تناولت سماعة الهاتف وضغطت عدة أرقام ثم قالت بسرعة لمديرة المكتب
وصلينى بالباشا حالا.
عالم السجون ... إنه عالم إختلفت فيه المعايير وتغيرت المقاييس .. لم يعد السچن هو مصير المجرمين والسفاحين فقط بل أصبح السچن مصير المتدينين وأصحاب الرأى أيضا وكل حر يأبى أن يضع رأسه فى التراب ويدفنها بين حبات الرمل.
دفع ثلاثتهم بقوة داخل العنبر وأغلق الباب الحديدى خلفهم ليصدر صريرا مزعجا أيقظ على أثره النيام داخل العنبر ...وقف ثلاثتهم ينظرون إلى بعضهم البعض وأعينهم تفيض
بسؤال واحد فقط ..وماذا بعد ... وقعت أعينهم على رجل ملتحف ببطانية سوداء فى أحد الاركان على أرض العنبر فاقترب بلال منه بقلب مقبوض وكأنه يشعر لماذا هذا الجسد قد سجى هكذا وقبل أن يلمسه هتف أحد الرجال الآخرين من زملاء العنبر
سيبوا ده مېت
أصابتهم غصة فى حلوقهم وهم يتبادلون النظرات ..أنحنى بلال لينظر فى وجهه فوجد ما كان يعتقده ..شاب صغير فى السن له لحية صغيرة واضح عليه اثار الټعذيب بشدة أغمض بلال عينيه پألم وهو يقول
إنا لله وإنا إليه راجعون
غادر أربعة مسجونين سرائرهم واقتربوا منهم متسائلين
أنتوا جايين فى ايه.. مفيش مظاهرات الأيام دى..
قال الرجل الاخر
بس حظكوا حلو والله أنكوا جايين فى الوقت ده.. لو كنتوا جيتوا الصبح كنتوا حضرتوا حفلة الاستقبال
عقد فارس بين حاجبيه وقال
حفلة استقبال أيه
قال الرجل
حفلة الاستقبال دى يا سيدى بيستقبلوا بيها كل عربية ترحيلات بتوصل السچن بالكلاب البوليسية وانت وحظك .. وبعد ما تنزل وانت بتجرى من الكلاب قبل ما تتعض يستقبلوك العساكر بالعصاية الكهربا والكرابيج ساعة ساعتين لحد ما كله يقع على الارض ويستسلم للضړب .. بعدها بقى يوزعوهم على العنابر .. دى بقى حفلة الاستقبال
أومأ بلال برأسه وهو يربط على كتفهم مطمئنا ونظر لهم نظرات مطمئنة أنهم قد عبروا تلك المرحلة بأمان فمن الواضح أن صديق فارس كان يعلم هذا أيضا لذلك أمر بترحيلهم فى هذا الوقت من الليل ..شعر فارس بغصة فى قلبة وهو يرى بلاده لأول مرة بصورة حقيقية غير التى كان يراها فى الخارج .. فى خارج ذلك العالم ..
متابعة القراءة